• الساعة الآن 12:31 AM
  • 20℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

السودان: "الدعم السريع" تؤكد اقترابها من مقر الجيش في الفاشر

news-details

تصاعدت حدة المواجهات أمس الأربعاء بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" داخل مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، بصورة غير مسبوقة، إذ تعرضت المدينة لساعات طوال إلى قصف مدفعي وجوي عنيف نفذته الأخيرة على أجزاء واسعة خلف قتلى وجرحى مدنيين.

وفي المقابل شنت مسيرات الجيش هجمات دقيقة على تجمعات "الدعم السريع" في المحورين الشرقي والجنوبي للمدينة أحدثت انفجارات عنيفة، كما شوهدت طائرة هليكوبتر تابعة للجيش تحلق في سماء المدينة، مما يعتبر مؤشراً لتوسيع نطاق العمليات الجوية وتعزيز تنسيق قواتها البرية والجوية.

وبحسب تنسيقية لجان مقاومة الفاشر، فإن المدينة تعيش تحت وطأة قصف مدفعي عنيف ومتواصل من "الدعم السريع"،  مؤكدة في بيان لها أن مئات القذائف انهالت أمس على الأسواق والأحياء السكنية، مخلفة عشرات القتلى والجرحى من المدنيين في مشهد مأسوي.

في حين أكدت قوات "الدعم السريع" أنها حققت انتصارات كبيرة في مدينة الفاشر، وذلك بسيطرتها على عدد من الأحياء السكنية الواقعة في المحور الجنوبي، فضلاً عن اقترابها من الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش التي باتت في مجال رؤية العين، بحسب مقاطع فيديو بثها عدد من أفرادها.

في الأثناء، طالب رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس، خلال اتصال هاتفي مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، استخدام سلطاته الرسمية والأخلاقية، ومجلس الأمن باتحاذ الإجراءات والتدابير الفورية، لرفع الحصار عن مدينة الفاشر الذي تفرضه قوات "الدعم السريع" منذ أبريل (نيسان) 2024، معبراً عن جاهزيته للتعاون مع الأمم المتحدة من أجل استقرار السودان.

وتأتي هذه التطورات في ظل تصعيد متواصل تشهده الفاشر، التي تعاني حصاراً خانقاً وسط فشل الجهود الدولية في التوصل إلى هدنة إنسانية تسمح بدخول المساعدات إلى المدينة، التي تعد مركز العمليات الإغاثية لإقليم دارفور.

قتل وتهجير

وأفادت منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة "اليونيسف" بأنها توثقت من مقتل وإصابة ألف طفل وتعرض 23 آخرين للاغتصاب في الفاشر، منذ بدء حصارها أكثر من عام.

وذكرت "اليونيسف" في بيان "جرى التحقق منذ بدء حصار الفاشر من حدوث أكثر من 1100 انتهاك جسيم، بما في ذلك قتل وإصابة أكثر من ألف طفل، إذ أصيب عدد منهم داخل منازلهم أو الأسواق أو مخيمات النزوح"، لافتة إلى تعرض 23 طفلاً وطفلة في الأقل للاغتصاب أو الاغتصاب الجماعي أو الإساءات الجنسية، فضلاً عن اختطاف وتجنيد آخرين.

وأشارت إلى أن الفاشر باتت مركزاً لمعاناة الأطفال الذين يعانون سوء التغذية والأمراض والعنف، مما يؤدي إلى فقدان أرواح الأطفال يومياً، منوهة إلى أنه جرى تهجير 600 ألف شخص نصفهم من الأطفال من الفاشر والمخيمات المحيطة بها في الأشهر الماضية، فيما لا يزال 260 ألف مدني بينهم 130 ألف طفل عالقين داخل المدينة في ظل أوضاع يائسة بعد انقطاعهم عن المساعدات منذ 16 شهراً.

وأكدت "اليونيسف" أن الحصار تسبب في قطع خطوط الإمداد بصورة كاملة، مما أدى إلى تعليق خدمات فرق التغذية المتنقلة والمرافق الصحية بعد نفاد الإمدادات وعدم إتاحة إدخال إمدادات جديدة، مطالبة بضرورة تأمين هدنة فورية ومستدامة في الفاشر وجميع أنحاء المناطق المتأثرة بالنزاع مع توفير إمكان الوصول الإنساني من دون عوائق لتقديم الأغذية العلاجية والأدوية والمياه النظيفة.

وقالت مفوضية العون الإنساني بولاية شمال دارفور في وقت سابق إن الفاشر لا تزال موطناً لـ845 ألف مدني يعيشون في ظروف كارثية، وذلك من جملة 1.5 مليون مواطن كانوا يعيشون في المدينة قبل اندلاع النزاع.

وأجبر الحصار معظم سكان المدينة على اتخاذ تدابير ضارة في سبيل البقاء على قيد الحياة، مثل التداوي بالأعشاب وسد الجوع عبر تناول الأمباز (بقايا الفول السوداني والسمسم بعد استخراج الزيت منه) الذي يستخدم علفاً للحيوانات.

وصول مساعدات

في محور كردفان، واصل طيران الجيش قصفه المكثف على تجمعات "الدعم السريع" في مناطق بارا بشمال كردفان والخوي والنهود بغرب كردفان، مما أدى إلى تراجع كبير في قدرات الأخيرة القتالية، فضلاً عن وقوع خسائر بشرية ومادية في أوساطها.

في حين استقبلت مدينة كادوقلي عاصمة ولاية جنوب كردفان أمس حصتها من المساعدات الإنسانية المخصصة للأطفال بعد غياب نحو عام كامل لهذه المساعدات، وشملت هذه المساعدات التي قدمتها منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة "اليونسيف" 4200 كرتونة تحتوي على أدوية وتغذية للأطفال المصابين بسوء التغذية، إضافة إلى مكملات غذائية أخرى.

وبحسب نشطاء فإن هذه الإمدادات من شأنها أن تساعد كثيراً، بخاصة في ظل أزمة الدواء ونقص المحاليل وانعدام التغذية للأطفال، الأمر الذي أدى إلى خروج مرافق صحية عن الخدمة.

وأشارت المنظمة إلى أن ولاية جنوب كردفان تعد موطناً لأكثر من 63 ألف طفل يعانون سوء التغذية الحاد، من بينهم أكثر من 10 آلاف طفل يعانون سوء التغذية الحاد الشديد، وهو الشكل الأكثر فتكاً.

اجتماع هيئة قيادة الجيش

في غضون ذلك عقدت هيئة قيادة الجيش أمس الأربعاء اجتماعاً للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب بين الجيش و"الدعم السريع" بكامل عضويتها برئاسة القائد العام للقوات المسلحة عبدالفتاح البرهان.

ووفقاً لبيان صادر عن مكتب المتحدث الرسمي للجيش، ناقش اجتماع هيئة القيادة المواضيع المتعلقة بالقوات المسلحة في شتى المجالات العسكرية.

وكان البرهان أجرى الأسبوع الماضي تعديلات واسعة في هيئة أركان الجيش تعد الأولى والأوسع من نوعها منذ اندلاع الحرب، شملت ترقيات وإعفاءات وتعيين قيادات جديدة على رأس أهم الوحدات العسكرية.

وسبق هذه التعديلات قرارات أعفى بموجبها عدداً من كبار الضباط وأحالهم للتقاعد، فيما أبقى على رئيس هيئة الأركان محمد عثمان الحسين الحسن في منصبه، الذي يتولاه منذ عام 2019 لدورة جديدة.

وبعد 26 شهراً من الحرب تبدلت خريطة السيطرة العسكرية بانتقال مركز القتال إلى إقليم دارفور، كما عززت سيطرة الجيش على العاصمة الخرطوم من رغبة الحكومة الجديدة التي يترأسها كامل إدريس في إعادة الخدمات، مع عودة نحو مليون مواطن لمنازلهم بحسب منظمة الهجرة الدولية، ومع ذلك لا يزال شح التمويل المالي وغياب الخطط الحكومية الواضحة يقفان حائلاً أمام إعادة الإعمار.

ويعيش السودانيون أوضاعاً إنسانية مزرية في المناطق التي تستعر فيها العمليات العسكرية، لا سيما في دارفور وإقليم كردفان، ويعادلان مساحة بلدين في الاتحاد الأوروبي.

وتقول الأمم المتحدة إن نحو 5 ملايين شخص في إقليم كردفان ودارفور لا يحصلون على وجبات الطعام بصورة يومية ومنتظمة، مع انعدام الممرات الآمنة لنقل المساعدات الإنسانية.

 

 

شارك الخبر: