وقّع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أمراً تنفيذياً جديداً يفرض قيوداً صارمة على دخول مواطني 12 دولة إلى الولايات المتحدة، من بينها اليمن، في خطوة أعادت إلى الأذهان الحظر الذي فرضه خلال ولايته الأولى وأثار حينها موجات من الجدل القانوني والسياسي داخل البلاد وخارجها.
ووفقاً للبيان الصادر عن البيت الأبيض، فإن القرار الجديد سيبدأ تطبيقه رسمياً اعتباراً من يوم الأحد 9 يونيو/حزيران، ويشمل حظر الدخول الكامل على مواطني كل من: أفغانستان، بورما (ميانمار)، تشاد، جمهورية الكونغو، غينيا الاستوائية، إريتريا، هايتي، إيران، ليبيا، الصومال، السودان، واليمن.
كما فرضت إدارة ترامب قيوداً جزئية على دخول مواطني سبع دول أخرى هي: بوروندي، كوبا، لاوس، سيراليون، توغو، تركمانستان، وفنزويلا، حيث يُتوقع أن يخضع المسافرون منها لفحص أمني مشدد أو يُمنع دخولهم باستثناءات محدودة.
ويأتي القرار في أعقاب هجوم استهدف تجمعاً مؤيداً لإسرائيل في مدينة بولدر بولاية كولورادو، يوم الأحد الماضي، حيث اتهمت السلطات الأمريكية رجلاً يُدعى محمد صبري سليمان بالهجوم على المشاركين باستخدام قنابل حارقة ومواد مشتعلة.
وبحسب وزارة الأمن الداخلي، فإن سليمان دخل الولايات المتحدة بتأشيرة سياحية في عام 2022، وتقدّم لاحقاً بطلب لجوء، إلا أنه بقي داخل البلاد رغم انتهاء صلاحية تأشيرته.
واستخدم ترامب الحادث كدليل على "خطورة القصور في أنظمة التدقيق على الأجانب"، كما قال في رسالة مصوّرة من المكتب البيضاوي نُشرت على منصة إكس.
وقال ترامب في رسالته المصورة إن "الهجوم الإرهابي الأخير في كولورادو يسلّط الضوء على الخطر الكبير الذي يمثله دخول الأجانب إلى بلدنا دون تدقيق كافٍ. لا نريدهم هنا".
وأضاف: "لن نسمح لما حدث في أوروبا أن يتكرر في أمريكا. لا يمكننا قبول الهجرة المفتوحة من دول لا نستطيع التحقق من هوية مواطنيها بشكل آمن وموثوق".
وذكّر ترامب في كلمته بقرار حظر السفر الذي أصدره في عام 2017، والذي شمل حينها عدداً من الدول ذات الأغلبية المسلمة، قائلاً إنه ساهم في "حفظ أمن الولايات المتحدة ووقايتها من موجة الهجمات الإرهابية التي ضربت دولاً أوروبية".
وقالت نائبة المتحدث باسم البيت الأبيض، أبيغيل جاكسون، إن القرار يستند إلى اعتبارات أمنية محددة تتعلق بمدى التزام الدول المعنية بالتعاون في تبادل المعلومات الاستخباراتية مع السلطات الأمريكية، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات تجاوز مدة الإقامة القانونية من قِبل مواطني هذه الدول داخل الأراضي الأمريكية، فضلاً عن ضعف الأنظمة المحلية لديها في ما يتعلق بإجراءات الفحص والتدقيق الأمني على المسافرين.
وأشارت جاكسون في منشور لها على منصة "إكس" إلى أن هذه القيود ليست عشوائية، بل "مدروسة وتستند إلى بيانات دقيقة، وتهدف إلى حماية المواطنين الأمريكيين من مخاطر محتملة مرتبطة بدول تفتقر إلى آليات موثوقة للتحقق من الهويات وتتسم بمستويات تهديد مرتفعة".
ومن المتوقع أن يواجه القرار الجديد موجة من الطعون القضائية، لا سيما من منظمات حقوق الإنسان والجمعيات المعنية بشؤون الهجرة واللاجئين، التي ترى في هذه السياسات شكلاً من أشكال التمييز القائم على الدين أو الجنسية، خصوصاً أن عدداً من الدول المشمولة ذات أغلبية مسلمة أو تمر بأوضاع إنسانية معقدة.
وقال المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (CAIR) في بيان، إن "هذا الحظر الجديد هو امتداد لسياسة التمييز التي بدأت منذ اليوم الأول لإدارة ترامب الأولى"، مشيراً إلى أنه "ليس قراراً أمنياً بقدر ما هو استغلال سياسي للخوف والتفرقة".
وفي المقابل، رحّب أعضاء بارزون من الحزب الجمهوري بالقرار، معتبرين أنه "خطوة ضرورية لإعادة فرض النظام والسيادة على الحدود الأمريكية".
وأشاد السيناتور توم كوتون بالمرسوم قائلاً إن "الرئيس ترامب يعيد تفعيل أدوات الحماية التي عطّلها الديمقراطيون على حساب أمن المواطنين الأمريكيين".
وأثار القرار أيضاً انتقادات دبلوماسية من بعض الدول المشمولة بالحظر، حيث أصدرت الخارجية الإيرانية بياناً أدانت فيه ما وصفته بـ"السياسات العنصرية"، معتبرة أن القرار "يؤكد مجدداً أن الإدارة الأمريكية لا تزال أسيرة لعقلية العزل والتخويف".
كما أعربت منظمات دولية تُعنى بشؤون اللاجئين عن قلقها من أن يؤدي القرار إلى مزيد من تقييد سبل الهروب أمام سكان دول تعاني من صراعات ونزاعات طويلة، مثل اليمن والصومال والسودان.
ويأتي الأمر التنفيذي الجديد في سياق سعي إدارة ترامب إلى إعادة تفعيل سياسات الهجرة الصارمة التي شكّلت محوراً رئيسياً في ولايته الأولى، والتي ألغاها الرئيس جو بايدن فور توليه السلطة عام 2021.
إلا أن ترامب، الذي عاد إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني 2025 بعد فوزه بولاية ثانية، أكد مراراً أن أمن الحدود سيكون إحدى أولوياته القصوى.